يعتبر المؤرخون أن ساحة "أﮔورا" AGORA بأثينا هي المكان الذي ولدت فيه الديمقراطية اليونانية منذ 2400 سنة خلت ( الديمقراطية عندنا...
يعتبر المؤرخون أن ساحة "أﮔورا" AGORA بأثينا هي المكان الذي ولدت فيه الديمقراطية اليونانية منذ 2400 سنة خلت ( الديمقراطية عندنا لازالت لم تولد بعد)، حيث كان يتجمع الشعب اليوناني للتنديد بالاستبداد، رافعا شعار " الشعب سيد نفسه".
واليوم و نحن في خضم الألفية الثالثة اختار الشعب الفرنسي "أﮔورا" على طريقته، و هي ساحة "لاريبوبليك" و قد أطلق عليها هذا الاسم منذ عام 1879.
لذلك لم يأت اختيار حركة " نوي دوبو" ( جمعوا الوقفة ليلا) لهذه الساحة عبثا بل جاء ذلك نظرا لحمولة الساحة الرمزية القوية، للمطالبة بتجديد دماء الجمهورية بعد أن أبانت أحزاب اليمين و اليسار و الوسط، عن فشلها الذريع في ترجمة تطلعات الشعب الفرنسي إلى واقع ملموس خصوصا و أن الرؤساء الذين تم انتخابهم ديمقراطيا عجزوا عن الوفاء بوعودهم و استلذوا الكراسي و لم يعد لهم من هم سوى تجديد ولاية أحزابهم على أعلى هرم في السلطة.
ولم يكن أحد من السياسيين المحترفين يتوقع حتى خلال كوابيسه الليلية أن تخرج حركة مماثلة لـ " نوي دوبو " ( عندنا ما خصش غير نوي خاص دوبو، وقفوا في وجه الاستبداد ) لتكون بمثابة محاكمة مفتوحة للتراث السياسي الفرنسي قديمه و حديثه، و تجد في ساحة عمومية منبرا لإعلان إفلاس الأحزاب، بالرغم من أن هذه الحركة لا قيادات لها، و لا برامج سياسية واضحة المعالم، و لا طموحات سوى المطالبة بوضع حد نهائي للعبة سياسية يعتبرونها قذرة و عقيمة.
رفعت الحركة الفرنسية " نوي دوبو" شعار : " حلم عام" (Rêve Général) على وزن " إضراب عام" (Grève Générale)، و قلما تساءلت الزوايا السياسية المغربية و أحزابها الموالية للسلطة عن ماهية " الحلم المغربي العام".
دابا هاد الشي واقع عند الفرنسيس، آش غادي نقولوا على المأساة المغربية، لقد أثبتت التجارب أن المغرب نفسه هو عبارة عن "أﮔورا" شاسعة بحجم البلاد تتردد في أرجائها مطالب تنكرت لها القبائل و الزوايا السياسية التي قطعت أي علاقة لها مع الشعب، و الكل يعرف أن بعض الأحزاب تقريبا لم يعد لها وجود، بعد أن أصبحنا نسمع أن "زعماء" المعارضة الرسمية يعينون بموجب "الظهير" الغابر، لأنهم يعارضون طموحات و مطالب الشعب، فيما التقاليد الديمقراطية المتعارف عليها تقتضي أن تنبع الأغلبية و المعارضة معا من صناديق الاقتراع، و ليس الاقتراح عبر التعيين المسبق و هو ما يجعل من الانتخابات مجرد لعبة أو "فراجة" يلعب فيها الشعب دور الكومبارس الذي سلبت إرادته و أهينت كرامته إلى درجة أن الآخرين يختارون من يمثله نيابة عنه، و في غفلة منه.
رفعت الحركة الفرنسية " نوي دوبو" شعار : " حلم عام" (Rêve Général) على وزن " إضراب عام" (Grève Générale)، و قلما تساءلت الزوايا السياسية المغربية و أحزابها الموالية للسلطة عن ماهية " الحلم المغربي العام".
لم و لن يفعلوا ذلك لأنهم يعلمون علم اليقين أنهم ليسوا جزءا من ذلك الحلم، بل جزءا من الكوشمار، و أن الشعب لن يراهن عليهم مستقبلا في تحقيق و لو الحد الأدنى من مطالبه المشروعة.
و لعل هذه القبائل السياسية تجهل أن الأوراش التاريخية العظمى تبدأ بحلم شعبي صغير يتعاظم ككرة الثلج العملاقة ليعلن من " الأﮔورا" و الساحات و الميادين العمومية عن فجر جديد قادر على إدهاش الذين استأنسوا بـ " الثورات الموؤودة" و الأمل الذي لم يكتمل.
*أحمد السنوسي
التعليقات