قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية في عددها الصادر يوم الثلاثاء أن الشارع المغربي يشهد منذ أسابيع موجة احتجاجات غير مسبوقة تطالب بإقالة رئيس الح...
قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية في عددها الصادر يوم الثلاثاء أن الشارع المغربي يشهد منذ أسابيع موجة احتجاجات غير مسبوقة تطالب بإقالة رئيس الحكومة عزيز أخنوش، في وقت ينتظر فيه أن يلقي الملك محمد السادس خطاباً أمام البرلمان يوم الجمعة المقبل، وسط تصاعد الغضب الاجتماعي وتآكل الثقة في أداء الحكومة.
وبحسب مقال الصحيفة، فإن حركة شبابية غير مؤطرة حزبياً تُعرف باسم “جيل زد 212” تقود هذه الاحتجاجات التي امتدت إلى أكثر من عشرين مدينة مغربية، مطالبة بإصلاحات اجتماعية عميقة تشمل التعليم والصحة ومحاربة الفساد، معتبرة أن حكومة أخنوش فشلت في تحقيق وعودها المتعلقة بـ«الدولة الاجتماعية». وتشير تقديرات وزارة الداخلية إلى أن نحو 70 في المئة من المشاركين في المظاهرات هم من فئة الشباب دون الثلاثين عاماً، رفعوا شعارات تطالب بالعدالة الاجتماعية والكرامة، وحمّلوا رئيس الحكومة مسؤولية ارتفاع الأسعار وتدهور الأوضاع المعيشية.
وأضافت “لوموند” أن الغضب الشعبي تفجّر بعد تكرار حوادث مأساوية في المستشفيات العمومية وفضائح في قطاعات أساسية، ما جعل كثيرين يرون في أخنوش رمزاً للفشل الحكومي وتداخل المال بالسياسة. وأوضحت أن رئيس الحكومة، الذي يُعد من أثرياء البلاد وأحد المقربين من القصر، واجه منذ أسابيع انتقادات متصاعدة بسبب ما وصفته الصحافة المحلية بـ«أزمة الثقة» بين السلطة والمجتمع.
ونقلت الصحيفة عن مصادر قريبة من دوائر القرار أن أخنوش «كان على علم بإشارات الإنذار المبكرة» حول تنامي السخط الاجتماعي، لكنه «فشل في التقاطها والتفاعل معها»، رغم أن ولايته انطلقت تحت شعار «الدولة الاجتماعية». وأشارت “لوموند” إلى أن المؤسسة الملكية تنظر بقلق إلى تزايد الاحتقان، خصوصاً بعد أن تحوّلت المطالب من تحسين المعيشة إلى الدعوة العلنية لإقالة الحكومة.
ورأت الصحيفة الفرنسية أن خطاب الملك المرتقب أمام البرلمان قد يشكل لحظة مفصلية في تهدئة الشارع أو في إعادة ترتيب المشهد السياسي، إذ يطالب المتظاهرون بتدخل ملكي مباشر لإعادة الثقة في المؤسسات. وأكد متحدث باسم الحكومة أن «رئيس الحكومة يتفهم المطالب الاجتماعية المشروعة»، لكنه اتهم بعض الأطراف بمحاولة «تسييس الاحتجاجات».
ورغم ذلك، تقول “لوموند” إن الانتقادات لأداء أخنوش تجاوزت الشارع ووصلت إلى داخل حزبه، “التجمع الوطني للأحرار”، الذي يقود الائتلاف الحكومي. وتضيف أن صورة رجل الأعمال العصامي الذي وعد بإصلاحات كبرى تتآكل بسرعة، في ظل ما تصفه بـ«الجمود السياسي وغياب التواصل الفعّال مع المواطنين».
ويرى مراقبون نقلت عنهم الصحيفة أن السيناريوهات المحتملة تتراوح بين تعديل حكومي واسع أو تغيير على رأس الحكومة بإيعاز من القصر إذا استمر الضغط الشعبي. ويقول أحد الأساتذة الجامعيين إن «الملك قد يستغل خطابه المقبل لإعادة ضبط العلاقة بين الدولة والمجتمع، بعد أن بلغ الاحتقان مستويات غير مسبوقة».
في غضون ذلك، يواصل شباب حركة «جيل زد 212» تنظيم احتجاجاتهم عبر المنصات الرقمية، مؤكدين أن تحركهم «سلمي ومستقل»، وأنهم «لا يستهدفون النظام الملكي بل يسعون إلى إنقاذه من سياسات حكومة فاشلة»، على حدّ تعبيرهم. وختمت “لوموند” مقالها بتصريح لإحدى الشابات المشاركات في تظاهرة بالدار البيضاء تقول: «لقد رفعنا أصواتنا لأننا لم نعد نثق في الأحزاب ولا في الحكومة»، قبل أن تختم تصريحها: «ننتظر من الملك أن يسمعنا».

تعليقات