فما هي دلالة تصريحات ترامب؟ وكيف كانت الردود عليها؟
“إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل 20 يناير 2025، وهو التاريخ الذي أعود فيه بفخر لمنصب رئيس الولايات المتحدة، فسيكون هناك جحيم يدفع ثمنه الشرق الأوسط” بتلك الكلمات غير المسبوقة توعد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الشرق الأوسط.
وأضاف في بيان نشره على «تروث سوشيال»: «الجميع يتحدث عن الرهائن الذين يتم احتجازهم بشكل عنيف وغير إنساني وضد إرادة العالم بأسره. لكن الأمر مجرد كلام دون أي أفعال!».
واختتم متوعدا: ” سيتم ضرب المسؤولين عن هذه الفظائع ضد الإنسانية بشكل أقوى من أي ضربة شهدتها الولايات المتحدة في تاريخها الطويل والعريق».
فما دلالة تصريحات ترامب؟ وكيف كانت الردود عليها؟
المؤرخ الفلسطيني اليساري عبد القادر ياسين يقول إن ترامب دائما يعبر عن نواياه ولا يخفيها بعكس السياسيين الذين يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لنا.
ويضيف ل” رأي اليوم ” أن الرئيس الأمريكي المنتخب فج في تكوينه النفسي والعصبي.
واختتم” ياسين ” مستبعدا تماما أن يعترض حاكم عربي واحد على ما قاله ترامب، وسيبتلعون الإهانة كلهم جميعا.
من جهته قال الكاتب الصحفي أنور الهواري رئيس التحرير الأسبق لصحيفتي المصري اليوم والوفد إن ترامب لو كان يعلم أن في المنطقة من يرد عليه، لكان فكر كثيرا قبل النطق بهذا التصريح الهمجي البربري.
في ذات السياق قال د.محمود كبيش العميد الأسبق لكلية الحقوق جامعة القاهرة إنه يجب على دول المنطقة أن تطلب تفسيراً من ترامب عن معنى تصريحه بتحويل الشرق الأوسط إلى جحيم.
ووصف ” كبيش” تصريح ترامب بأنه غير مسئول.
الكاتب الصحفي كارم يحيى يعلق بقوله: “واضح أن الرئيس الأمريكي المنتخب على طريقة المثل الشعبي الشهير “الغربال الجديد له شدة”، فيريد أن يبدو أكثر حسما وانحيازا لإسرائيل، لاسيما أن بعضا من هؤلاء الأسرى أمريكيون”.
ويضيف لـ”رأي اليوم” أن ترامب فعليا وواقعيا لا يملك أي شيء، وكلامه ينطوي على مجرد تهديد أجوف.
ويصف “يحيى” تهديدات الرئيس الأمريكي المنتخب بأنها عنتريات فارغة، مشيرا إلى أن من المعروف أنه منذ ٧ أكتوبر والأمريكان متدخلون في الإبادة التي تشنها إسرائيل ضد الفلسطينيين سواء مخابراتيا أو بالقوة العسكرية لإطلاق سراح الأسرى، ولكنهم فشلوا طيلة خمسة عشر شهرا.
ويختتم مؤكدا أن ترامب لو كان منصفا أو عقلانيا، لأدرك أن هناك 15 مليون فلسطيني رهائن لدى الصهيونية أغلبهم في الشتات، فضلا عن آلاف المحبوسين في السجون الإسرائيلية .
السؤال الذي فرض نفسه: لمن وجه ترامب تهديده؟
والإجابة التي اتفق عليها الكثيرون أن التهديد غير موجه لغزة وأهلها؛ لأنهم رجال لا يخشون في الله لومة لائم ، بل التهديد موجه للدول التابعة للوصاية الأمريكية وما أكثرها.
العبرة التي ذكّر بها البعض أنه لا حل سوى باتحاد عربي إسلامي لمواجهة الغطرسة الأمريكية ، وإلا فالبديل هو الانسحاق الكبير، والخسران المبين.
رسالة المقاومة لترامب: جحيمك لا يخيفنا
إعتبرت أوساط مقربة جدا من حركة المقاومة الإسلامية حماس ان تصريحات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الأخيرة والتي أعقبت لقاء جمعه بزوجة ونجل رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو في مزرعته الشخصية تصريح سياسي وإستباقي لا يعني شيئا ولا يغير القواعد التي قرت المقاومة الفلسطينية التفاعل معها بخصوص الأسرى الإسرائيليين.
وفي الأثناء كشف النقاب عن مقتل إثنين من أصل 6 أسرى أمريكيين بعمليات إسرائيلية وسط تبادل اقتراحات لا تزل قيد النقاش بفتح قناة خاصة لتفحص إمكانية الأفراج عن الأسرى الأمريكيين الأربعة الباقون بصفقة مستقلة ومنفصلة لم يتخذ قرار بشأنها بعد لكنها قيد التفحص.
وأشار مصدر مقرب من حركة حماس الى ان الهدف من تصريحات ترامب التي تتوعد بتحويل الشرق الأوسط الى جحيم سياسي بالمقام الاول إعلامي بمعنى ان ترامب يحاول الضغط ليس على حركة حماس في غزة فقط ولكن على الأطراف التي تتوسط ومن بينها تركيا والدول العربية لبذل جهد اكبر وبهدف إرباك المقاومة الفلسطينية.
تلك المناورة من الرئيس ترامب صنفت مبكرا بانها لن تفيد في إرهاب او تخويف فصائل المقاومة في غزة ليس لان الورقة الوحيدة بين يدي المقاومة الان هي الرهائن والأسرى فقط.
ولكن لان قطاع غزة يعيش اصلا حالة الجحيم الان وقد سبق كل مناطق الشرق الاوسط في التعامل مع الجحيم بعينه.
والمعنى حسب التفسير هنا ان تهديد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة تحديدا بالجحيم غير منتج ولن يفيد لأنه لا يوجد جحيم أكبر مما فعله الاسرائيليون اصلا في أهل غزة طوال الـ 14 شهرا الماضية في ظل الوقائع الموضوعية ، الأمر الذي يؤشر على ان ترامب يريد تخويف بعض الدول العربية وليس الشعب الفلسطيني وغزة حيث ارتكب الاسرائيليون ويرتكبون بغطاء أمريكي جرائم من كل نوع وصنف.
وعلى صعيد متصل تفاعلت حركة حماس والمقاومة الفلسطينية مع كل الافكار والمستجدات التي طرأت مؤخرا على صعيد رغبة بعض الاطراف في تحريك المفاوضات من أجل صفقة حيث اعتبر مجلس الشورى التنفيذي لحركة حماس في اجتماعه الاخير بان الحركة سياسيا ستتجاوب وتتفاعل مع اي مقترح مطروح على الطاولة يمكن ان ينتهي بوقف العدوان لكن بدون الإخلال بالشروط التي تعلمها كل أطراف الوساطة مسبقا وقيلت للأمركيين .
مؤخرا وبعد تنشيط بعض الاتصالات وحصرا في اطار هندسة وترتيب دور الوساطة التركي الجديد أبلغت حماس وزير الخارجية التركي رسميا والمسؤولين القطريين والمصريين بانها مستعدة للجلوس على طاولة التفاوض في كل الاوقات لكن على الجميع ان يعلم مسبقا بان حماس ملتزمة تماما بثلاث ملفات اساسية وبإمكانها المناورة واظهار المرونة في القضايا الاخرى.
وهي ملفات عقد صفقة وإبرام هدنة تنتهي بإنسحاب كامل وقطعي للجيش الاسرائيلي من كل المناطق في القطاع ووقف شامل وليس جزئي لإطلاق النار اضافة الى الملف الثالث والذي وصفه احد قيادي حماس بـ “صفقة مشرفة” للإفراج عن الاسرى الفلسطينيين في سجون إسرائيل”.
دون ذلك ابلغ مسؤولون في حماس وسطاء بالرسالة التي اعتبرت بمثاب رد على تصريح الرئيس الأمريكي الأخير وألذي سبق له ان إستخدم أسلوب الصدمة والترويع بطريقة خدمت مخططاته مع الدول والحكومات وليس مع الشعوب وقوى المقاومة فيها.
ليس سرا ان حركة حماس أظهرت مرونة مع الوسطاء في التخلي عن ادارة القطاع لصالح لجنة تكنوقراط مستقلة وانها تنازلت عن شرطها القاضي بمشاركة السلطة الفلسطينية بإدارة المعابر كما اظهرت مرونة لإدارة المساعدات بدونها والإغاثة ويتحدث مفاوضوها مع الوسطاء عن مرونة بخصوص سقف موضوع الاسرى المفرج عنهم.
دون ذلك تحتفظ حماس بشروطها وقيودها تحت عنوان لا نخشى الجحيم لانا نعيش فيه ونواجهه الان”.
ولن تقدم تنازلات تمس حجم التضحيات التي قدمها الشعب الفلسطيني في غزة تلك رسائل قيلت مباشرة للمصريين والاتراك والقطريين من جهة الوفد المفاوض الذي يقوده الدكتور خليل الحية حاليا.
لكن تطورات الإتصالات تلك تحصل وسط قناعة المكتب السياسي لحركة حماس بانه لا صفقة حقيقية تلوح بالأفق قبل جلوس الرئيس ترامب على كرسي الرئاسة في البيت الابيض.( رأي اليوم)
تعليقات