عاد هشام العلوي، ابن عم الملك محمد السادس الى معالجة آفاق ثورات الربيع العربي بمقال في مجلة “لوموند دبلوماتيك” الفرنسية، عدد سبتمبر الجاري، ...
عاد هشام العلوي، ابن عم الملك محمد السادس الى معالجة آفاق ثورات الربيع العربي بمقال في مجلة “لوموند دبلوماتيك” الفرنسية، عدد سبتمبر الجاري، بعنوان “الانتصار الهش للثورات العربية المضادة”، لايستبعد فيها عودة الاحتجاجات نظرا لتدهور الأوضاع المعيشية والفكرية في مجموع العالم العربي.
ويستعرض كاتب المقال، وهو الباحث في جامعة هارفارد، مميزات الوضع السياسي-الاجتماعي العام في العالم العربي المتسم بالركود والعياء الذي أصاب الشعوب جراء التضحيات الجسيمة والمعاناة ثم انهيار النخب السياسية والفكرية التي لم تعد تقوم بالدور المنوط بها كقائدة للتغير، وذلك كله جراء العنف الممارس من طرف الدولة.
ويضيف نقطة ذات أهمية كبرى في الملف الديمقراطي هو فقدان الغرب لصفة المدافع عن الديمقراطية بعدما وصل الى الرئاسة رؤساء من طينة الأمريكي دونالد ترامب والهنغاري أوربان، حيث غابت حقوق الإنسان عن أجندة البيت الأبيض إبان رئاسة ترامب، وهو ما منح أوكسجينا إضافيا الى الأنظمة العربية وبالخصوص المضادة للثورات بالإستمرار في ممارسة العنف.
هذه الأنظمة التي لجأت، كإجراء تكميلي لعنفها الى توظيف شبكات التواصل الاجتماعي لممارسة الاضطهاد ضد المناضلين المطالبين بالديمقراطية والمنادين بمحاربة الفساد. وتجلى هذا الإجراء التكميلي في حملات التشهير والتشويه للاغتيال الرمزي والمعنوي للمناضلين والترويج لأطروحات مضادة للربيع العربي للتأثير على الرأي العام.
ويبرز المقال كيف نهجت الأحزاب ذات التوجه الإسلامي برامج اقتصادية نيوليبرالية وفشلت في الاستجابة لمطالب الشعوب، واكتفت في المقابل بتوجيه النقد واللوم لتبرير فشلها الى الدولة العميقة بدل ممارسة النقد الذاتي.
ويستخلص كيف نجحت الثورات المضادة التي قادتها أنظمة معينة لاغتيال حلم الديمقراطية، ولكنه يشدد على أنه انتصار مؤقت وهش لأن هذه الثورات المضادة تفتقد لركيزة إديولوجية تستند إليها، ثم غياب رجل قوي يشكل رمزا لها تلتف حوله هذه الثورات. وأمام هذا النقص أو نقطة الضعف، لجأت الأنظمة المضادة الى الرهان على المشاريع الرنانة والضخمة لإبهار الشعوب وكأنها تحقق تقدما عظيما. ويبرز الكاتب أنها مجرد مشاريع ذات صبغة إدارية لا تستقيم وتطلبات التقدم الحقيقي وليست بالمشاريع النابعة من تطور طبيعي للمجتمع.
ويقف عند نقطة حساسة للغاية تشهدها المجتمعات العربية حاليا وهي رهان الأنظمة على جزء من المجتمع الذي تعتبره منتجا ويسايرها وتخليها عن الجزء الآخر غير المنتج، وهو ما يفسر هذه السياسة نيوليبرالية الوحشية، وبهذا، تكون الأنظمة قد تخلت عن طابع الرعاية الذي ميزها في الماضي وكان صماما ضد الانتفاضات لصالح سياسة تجزيئية في المجتمع.
ويبرز الكاتب أن كل المؤشرات تشير الى عودة الربيع العربي في حلة جديدة بعيدا عن خطاب الجمعيات الحقوقية الغربية أو الاستناد الى الإنترنت بشكل كبير وإنما عبر تحالف بين الطبقة المسحوقة والطبقة المتوسطة التي ارتهنت الى الأنظمة الحاكمة بحثا عن امتيازات اقتصادية لن تدوم لأنها هشة.
ويدافع الأمير في كتاباته ومحاضراته عن استمرار الربيع العربي وإن شهد في السنوات الحالية خفوتا بسبب القمع الشديد، ويستند الى أن الربيع العربي هو حركة وعي عميق للجيل الحالي وسيثوارته الجيل المقبل.
تعليقات