نشر سانشيز رسالته القوية، ثم اختفى لخمسة ايام، جعل الشعب الاسباني كله في حالة انتظار، الى ان خرج عليه اليوم ليعلن استمراره في قيادة الحكومة بعزم اقوى
رئيس الحكومة الاسبانية بيدرو سانشيز مع زوجته بيغونيا غوميز |
محمد المساوي* |
حبس بيدرو سانشيز انفاس السياسة الاسبانية لمدة خمسة ايام، بعد ان وجه رسالة الى الشعب الاسباني مساء الاربعاء الماضي، اعلن فيها قطع كل أشغاله واجندته واختلائه بنفسه للتفكير فيما إذا سيستمر في قيادة الحكومة أم انه سيتنحى.
جاء هذا اثر قبول القاضي فتح تحقيق حول مزاعم تورط زوجته في فساد مالي، وهي الدعوى التي رفعتها جمعية يمينية متطرفة تدعى "الايادي النظيفة"، واستندت هذه الجمعية في رفع دعواها على ما نشرته بعض الجرائد الالكترونية الاسبانية اليمينية من شاكلة "شوف تيفي" و"برلمان كوم"، مع العلم ان القضاء الاسباني يسيطر عليه اليمين، ولذلك كثيرا ما تم اللجوء الى القضاء لتوجيه بعض الضربات تحت الحزام للخصوم السياسيين لليمين الاسباني.
ولأن سانشيز داهية سياسية، قام بهذه الحركة المحسوبة، من اجل الرد على القضاء، ومن كسب التعاطف الشعبي، ومن اجل فضح اليمين واكتساب منصات جديدة لصفع هذا اليمين الذي يحاول النيل من الرجل على ظهر زوجته، تماما كما يفعل بعض مناضلي الخامسة والعشرين عندنا، عندما يريدون تصفية خصومهم الفكرين والسياسين عن طريق سب امهاتهم او زوجاتهم.
ولأن المجتمع الاسباني لديه حساسية تجاه احتقار النساء والاعتداء عليهن، قام سانشيز بهذه الخطوة الذكية؛ انه يريد ان يستقيل دفاعا عن زوجته التي يغرقونها في الوحل فقط لانها زوجة سياسي لم يقدروا على مواجهته عبر صناديق الاقتراع، هنا كانت ضربة معلم.
سانشيز اختار التواصل مع الشعب عبر رسالة انيقة، كتبت بالمسطرة الميليمترية، واصر ان يبث عبرها، حبه الشديد لزوجته، كما قام بسلخ جلود زعيمي الحزب الشعبي وحزب فوكس، وشبه ممارساتهما تجاهه بما اسماه امبيرتو ايكو ب "الية الطين" وهي استراتيجية تروم تمريغ سمعة الخصوم في الوحل وتشويهها من اجل نزع شرعيتهم الشعبية...
نشر سانشيز رسالته القوية، ثم اختفى لخمسة ايام، جعل الشعب الاسباني كله في حالة انتظار، الى ان خرج عليه اليوم ليعلن استمراره في قيادة الحكومة بعزم اقوى، وهو يستعد للاستحقاقات الانتخابية الاوربية في شهر يونيو القادم.
ثمة تحاليل تقول ان حتى المخابرات الاسرائلية لديها يد في هذه التحرشات التي تستهدف الرجل واسرته، بسبب عزم سانشيز على الاعتراق بالدولة الفلسطينية، وهو امر وارد جدا، لما للكيان الصهيوني من حقد على الرجل منذ الندوة الصحافية في معبر رفح قبل شهور، والتي نتجت عنها ازمة ديبلوماسية بين اسبانيا والكيان الصهيوني.
في كل الاحوال، سانشيز سياسي ذكي جدا يعرف كيف يتخطى كل العقبات، ويتقن جيدا كيفية تحويل السلبيات والمطبات الى محفزات قوية.
طوبى للشعب الاسباني بهذا السياسي القدير.
التعليقات