$type=ticker$count=12$show=post$cols=3$cate=0

تفجيرات بروكسل رسالة لاوروبا وامريكا: "بضاعتكم ردت اليكم"

عبد الباري عطوان اهتزت القارة الاوروبية والعواصم العالمية منذ صباح اليوم الثلاثاء من جراء التفجيرات الانتحارية التي استهدفت مطار برو...

عبد الباري عطوان
اهتزت القارة الاوروبية والعواصم العالمية منذ صباح اليوم الثلاثاء من جراء التفجيرات الانتحارية التي استهدفت مطار بروكسل، ومحطات مترو انفاق اخرى، وادت الى مقتل وجرح العشرات، فحالة الطوارىء جرى اعلانها في مختلف المطارات ومحطات القطارات، وباتت عملية السفر محفوفة بالصعوبات، واجراءات التفتيش الامني المشددة للغاية خوفا من هجمات مماثلة في عواصم اخرى.
هذه التفجيرات التي جاءت بعد اشهر معدودة من نظيرتها في باريس، واربعة ايام من اعتقال صلاح عبد السلام، احد ابرز العقول المخططة لها بالصدفة، وبعد مكالمة هاتفية مع احد اصدقائه في بلجيكا، تؤكد على مجموعة من النقاط نوجزها باختصار شديد كما يلي:

اولا: تثبت ان “الدولة الاسلامية” التي تشير معظم اصابع الاتهام الى مسؤوليتها عن هذه التفجيرات، انها اقوى بكثير مما يتوقعه الخبراء العسكريون والامنيون في الغرب، وان اكثر من عشرة آلاف غارة جوية على مواقعها في سورية والعراق، واخيرا في ليبيا، لم تضعفها بالشكل المأمول غربيا.
ثانيا: نجحت هذه “الدولة”، وعلى مدى الـ18 شهرا الماضية في تجنيد العشرات، وربما المئات، من الشبان العرب والمسلمين في القارة الاوروبية، واماكن اخرى في العالم، من خلال الاتصال المباشر، او عبر وسائط التواصل الاجتماعي، ووفرت لهم التدريب على كيفية صنع المتفجرات والاحزمة الناسفة.
ثالثا: تكشف تفجيرات بروكسل، ومن قبلها باريس، ان هذه الهجمات ليست من تنفيذ افراد “يائسين” او “محبطين”، وانما من قبل شبكة من الخلايا العنقودية المنتشرة في عدة عواصم اوروبية، وتتواصل قياداتها مباشرة مع مشغليها في الرقة والموصل، واخيرا في سرت، المقر الثاني لـ”الدولة الاسلامية” في شمال افريقيا.
رابعا: نجحت “الدولة الاسلامية” في الانتقال بسرعة الى تنفيذ استراتيجية نقل عملياتها العسكرية الى الخارج، وبالتحديد الى عمق الدول التي تشارك في التحالف الستيني الذي يحاربها بقيادة الولايات المتحدة، اي انها انتقلت من مرحلة “التمكن” في “اراضيها” في سورية والعراق، الى “التمدد” في اتجاهين: الاول، اوروبيا، للقيام بالاعمال الانتقامية، والثاني، الجوار الاوروبي في المغرب الاسلامي، جغرافيا وبشريا، من خلال تجنيد خلايا من ابنائه تقيم في الساحل الشمالي من البحر المتوسط.
خامسا: هجمات بروكسل هذه التي يعتقد ان خلية “مولينبيك” تقف خلفها، ونفذتها لاسباب عديدة، ابرزها اعتقال صلاح عبد السلام، احد ابرز قياداتها، قد تشرع بتنفيذ الخطط الموضوعة للتدخل عسكريا في ليبيا، على امل القضاء على التجمعات الجديدة لهذه “الدولة” و”اماراتها” في سرت ودرنة والكفرة، حيث تشير التقديرات الى وجود اكثر من عشرة آلاف من مقاتليها يتنشرون في الساحة الليبية، نسبة كبيرة منهم من رجال القبائل الاشداء المعروفين بولائهم للنظام السابق، وجرى تهميشهم بهذه التهمة، الى جانب بعض العناصر الامنية التابعة لكتائب القذافي.
***
الخطأ الكبير الذي وقعت فيه الحكومات الغربية  انها ارسلت طائراتها الحربية وقواتها الخاصة الى العراق وسورية وليبيا، لـ”اجتثاث” “الدولة الاسلامية”، وقصفها واغتيال قياداتها طوال الـ18 شهرا الماضية، ولم نتوقع مطلقا اقدامها على اعمال انتقامية، “ارهابية” على هذا التدخل العسكري، ويتضح ذلك من خلال ارتخاء الاجراءات الامنية في مطاراتها، والاماكن الحساسة الاخرى، الامر الذي سهل عملية اختراقها بسهولة.
نقول ونكرر للمرة الالف، ان الحلول الامنية التي تبنتها الولايات المتحدة وحلفاؤها للقضاء على الارهاب والعنف ليست كافية لوحدها، طالما لم توازيها، وتكملها، حول سياسية ذات نفس طويل تعترف اولا بالاخطاء الكارثية التي ارتكبتها هذه الدول في المنطقة، واولها تغيير انظمة عربية بالقوة العسكرية لمصلحة اسرائيل، وتنفيذا لثأرات واحقاد سياسية ودينية وعقائدية، ودون تقديم النماذج البديلة الافضل في الوقت نفسه.
ما لم يفهمه الغرب ان “الدولة الاسلامية” في بداياتها لم يكن من بين ادبياتها، المرحلي على الاقل، شن هجمات ارهابية على العواصم الغربية، وكان اسقاط الانظمة العربية التي تصفها بـ”الفاسدة” و”الكافرة”، الاولوية المطلقة بالنسبة اليها، لكن التدخل العسكري الغربي بقيادة امريكا لحماية هذه الانظمة وتثبيتها، هو الذي ادى الى حدوث انقلاب في هذه الاولويات، وتفجيرات باريس وبروكسل هو التطبيق المباشر لهذا التغيير، او الانقلاب.
مشكلة الحكومات الغربية انها تنحاز الى الانظمة العربية الفاسدة ضد الشعوب خدمة لمصالحها، وهي مصالح “انتهازية” تتركز في صفقات الاسلحة، والتعاون الاستخباري على هذه الانظمة ضد شعوبها، ومواقف الغرب في ليبيا وسورية والعراق، واخيرا اليمن، على وجه الخصوص، تؤكد هذه النظرية.
ما كان يصلح من اساليب تضليل وخداع وكذب في الشرق الاوسط في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الاولى، لم يعد صالحا بعد مئة عام على اتفاقية “سايكس بيكو”، فلم يعد اهل المنطقة بدوا رحلا، والغالبية الساحقة منهم اميون، ويمكن تطويعهم وتشكيلهم بسهولة وفق رغبات “شاويش” بريطاني او فرنسي، كما ان وسائل المقاومة والرفض تغيرت ايضا، ولم تعد الطائرات الحديثة تحسم الحروب في ساعات او ايام، والا لما استمرت اعمال القصف الامريكية لتنظيم “الدولة الاسلامية” عاما ونصف العام دون نتائج تذكر، ولكان تحالف الحوثيين وصالح في اليمن قد رفع الرايات البيضاء في الاسبوع الاول لـ”عاصفة الحزم”، ولما عادت ليبيا شوكة في الخاصرة الاوروبية بعد خمس سنوات على تدخل حلف “الناتو” العسكري فيها.
***
الحلول الامنية التي تتبعها الحكومات الغربية لحماية مطاراتها ومصالحها العامة مشروعة ومطلوبة، ولا بد من اتخاذها لتأمين ارواح مواطنيها، ولكنها ستظل محدودة ومؤقتة، وغير عملية على المدى البعيد، فهناك عشرة ملايين مواطن مسلم في اوروبا، وهؤلاء يمثلون امتدادا لنظرائهم الذين يعانون، او نسبة منهم، من اخطاء التدخلات العسكرية الغربية الكارثية في بلدانهم، وعلينا ان لا ننسى ان “الدولة السلامية” هي احد نتائج هذه التدخلات.
تفجيرات بروكسل الارهابية، ومن قبلها تفجيرات باريس، يجب ان تكون مقدمة لمراجعة سياسات اوروبية وامريكية قصيرة النظر، وضعها اناس يريدون توظيف الغرب وقدراته العسكرية الهائلة لمصلحة دولة اسمها اسرائيل، بطريقة مباشرة، او غير مباشرة، وبما يشجعها على رفض واجهاض اي عملية للسلام والتعايش، وطالما استمرت هذه السياسات ستستمر التفجيرات، ومهما لغت الاجراءات الامنية من التشدد.
هذه التفجيرات ومنفذوها، رسالة الى اوروبا وامريكا تقول بلغة دموية فصيحة جدا “بضاعتكم ردت اليكم”.

التعليقات

الاسم

اخبار العالم,2031,اخبار العرب,1751,اخبار المغرب,6530,أرشيف,10,أسبانيا,4,اسبانيا,172,أستراليا,1,اسكوبار الصحراء,7,إضاءة,1,إطاليا,5,إعلام,308,إعلام فرنسي,5,إفريقيا,59,اقتصاد,992,أقلام,15,الإتحاد الأوروبي,6,الأخيرة,1,الأردن,1,الإمارات,3,الأمم المتحدة,19,البرازيل,11,الجزائر,300,السعودية,15,الصحة,118,الصين,26,ألعراق,1,العراق,4,الفضاء,1,القدس,4,ألمانيا,23,المراة,129,الملف,25,النمسا,1,ألهند,1,الهند,2,الولايات المتحدة الأمريكية,74,اليمن,23,إيران,47,ايطاليا,1,باكستان,1,برشلونة,1,بريطانيا,1,بلجيكا,7,بيئة,15,تاريخ,5,تحقيق,1,تحليل,2,تدوين,762,ترجمة,1,تركيا,19,تغريدات,31,تغريدة,6,تقارير,1309,تقرير صحفي,75,تونس,91,ثقافة,2,جنوب إفريقيا,4,جنين,1,حرية,389,حزب الله,11,حماس,3,حوارات,80,ذكرى,2,روسيا,76,رياضة,376,زاوية نظر,41,زلزال الحوز,75,سوريا,14,سوسيال ميديا,18,سوشال ميديا,15,سياحة,2,سينما,29,شؤون ثقافية,448,صحافة,87,صحة,579,صوت,1,صوت و صورة,912,طاقة,25,طقس,1,عالم السيارات,1,عداد البنزين,5,عزة,2,علوم و تكنولوجيا,315,عناوين الصحف,322,غزة,89,فرنسا,180,فلسطين,4,فلسطين المحتلة,616,فنون,243,قطر,2,كاريكاتير,9,كأس العالم,108,كتاب الراي,1932,كولومبيا,1,لبنان,21,ليبيا,34,مجتمع,1254,مجنمع,10,مختارات,128,مدونات,5,مسرح,6,مشاهير,1,مصر,8,مغاربي,1047,ملف سامير,8,ملفات,53,منوعات,410,موريتانيا,16,مونديال,1,نقارير,2,نقرة على الفايس بوك,1,نيكاراغوا,1,
rtl
item
الغربال أنفو | موقع إخباري: تفجيرات بروكسل رسالة لاوروبا وامريكا: "بضاعتكم ردت اليكم"
تفجيرات بروكسل رسالة لاوروبا وامريكا: "بضاعتكم ردت اليكم"
https://1.bp.blogspot.com/-ctLFAbGR5YQ/VvFRxDmwL7I/AAAAAAAAckE/Q2PevwWMqcQXNLGgSHvvL3CKUaTyb8ubA/s640/4215d4d6a3e4293531585c6403faea4e.jpg
https://1.bp.blogspot.com/-ctLFAbGR5YQ/VvFRxDmwL7I/AAAAAAAAckE/Q2PevwWMqcQXNLGgSHvvL3CKUaTyb8ubA/s72-c/4215d4d6a3e4293531585c6403faea4e.jpg
الغربال أنفو | موقع إخباري
https://www.alghirbal.info/2016/03/blog-post_137.html
https://www.alghirbal.info/
https://www.alghirbal.info/
https://www.alghirbal.info/2016/03/blog-post_137.html
true
9159330962207536131
UTF-8
تحميل جميع الموضوعات لم يتم إيجاد اي موضوع عرض المزيد التفاصيل الرد الغاء الرد مسح بواسطة الرئيسية بقية أجزاء المقال: موضوع العرض الكامل مقالات في نفس الوسم قسم أرشيق المدونة بحث جميع الموضوعات لم يتم العثور على اي موضوع الرجوع الى الصفحة الرئيسية الأحد الأثنين الثلاثاء الأربعاء الخميس الجمعة السبت شمس اثنين ثلاثاء اربعاء خميس جمعة سبت يناير فبراير مارس ابريل ماي يونيو يوليوز غشت شتنبر اكتوبر نوفمبر دجنبر يناير فبراير مارس ابريل ماي يونيو يوليوز غشت شتنبر اكتوبر نوفمبر دحنبر في هذه اللحظة 1 منذ دقيقة $$1$$ منذ دقيقة 1 منذ ساعة $$1$$ منذ ساعة أمس $$1$$ منذ يوم $$1$$ منذ ساعة منذ أكثر من 5 أسابيع متابعون يتبع هذا المقال المميز مقفل لمواصلة القراءة.. أولا شاركه على: ثانيا: انقر فوق الرابط الموجود على الشبكة الاجتماعية التي شاركت معها المقال انسخ كل الأكواد Select All Code All codes were copied to your clipboard Can not copy the codes / texts, please press [CTRL]+[C] (or CMD+C with Mac) to copy عناوين رئيسية