*اليوسفي محمد تبدو الدولة المغربية تائهة في التعاطي مع ملف مصيري وشديد الحساسية هو ملف القضية الوطنية بكل أبعاده المتداخلة، ملف تف...
*اليوسفي محمد |
تبدو الدولة المغربية تائهة في التعاطي مع ملف مصيري وشديد الحساسية هو ملف القضية الوطنية بكل أبعاده المتداخلة، ملف تفتقد فيه الرؤية المتبصرة والاستراتيجية حتى أنه يظهر للمتتبع غير المعني به أن المغرب فعلا دولة تحتل الصحراء وتستغل نفوذها وعلاقاتها الدولية لإدامة الاحتلال وحرمان شعب لاجئ من حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة، وتظهر فيه دولة كالجزائر بكل تاريخها الدموي وسجلها الأسود حقوقيا دولة ذات مبادئ أولها دعم حق الشعوب في تقرير المصير!
هذا ما يمكن أن نخلص إليه كاستنتاج لطبيعة فهم اليسار الأوروبي على الأقل للنزاع حول القضية الوطنية إن عرفنا هذا اليسار عن كثب وعرفنا أدبياته وكيف ينتج القرار السياسي داخله.
لجأت الدولة المغربية في لحظة من لحظات الارتباك المتكررة في التعاطي مع مفاجآت ملف القضية الوطنية إلى الاستعانة باليسار المغربي في احتواء تداعيات إقدام دولة السويد على إنتاج موقف رسمي يعادي المغرب في وحدته الترابية، نجاح مبادرة اليسار أسهم في دفع الدولة المغربية إلى تعيين وجوه حقوقية ويسارية كسفراء يمكن أن يشكلوا مخاطبا مقبولا في عواصم ينشط فيها دعاة الإنفصال بشكل خطير ربما يغيب عن الأجهزة الخارجية المغربية..
لن أتوقف عند دلالات أن تحتاج الدولة في المغرب الى يسار هو عمليا خارج الحكومة والبرلمان وحاربته الدولة تاريخيا في الوقت الذي لا يستطيع حزب إسلامي يرأس الحكومة أن يكون له صوت مقبول خارجيا في ملف مصيري اللهم إن عادت تركيا أو جماعة الإخوان المسلمين حق المغرب في وحدته الترابية وتلك إحدى المفارقات السياسية في المغرب، يهمني في المقابل أن أنبه أن طبيعة التعاطي مع الموقف السويدي المحتمل كان ذكيا في آنيته لكنه يكشف مأزق الدولة المغربية وعدم امتلاكها لتصور واضح لا ينتج فقط ردود فعل تجعل السياسة الخارجية المغربية رهينة لتقلبات امزجة دول الاتحاد الأوربي وحساباتها الاقتصادية والأمنية في الوقت الذي تسمح فيه لدولة كالجزائر أن تستنزف كل الجهود الدبلوماسية والسياسية للمغرب وأن تخلق لنا مشاكل لا متناهية.
إن غياب رؤية استراتيجية متبصرة سيجعل المغرب على نفس طريقة توظيف اليسار
في ملف القضية الوطنية يفكر مستقبلا في إنشاء أحزاب يمينية عنصرية لمخاطبة أحزاب اليمين الأوروبية التي لها أيضا تأثير سياسي وأنصار و أحيانا مواقف معادية للمغرب ويمكن أن تستعمل كيف تشاء ورقة الصحراء للابتزاز المغرب في قضايا الهجرة والأمن أو غيره من القضايا.
يبدو المغرب فيما يخص قضيته المصيرية الأولى مرتهنا للأسف لتقلبات المصالح الدولية والاقليمية والوطنية وأحيانا حتى الحزبية بشكل يجعله تائها وفي احسن الأحوال اطفائيا يخمد موقفا هنا ليظهر آخر هناك أشد بما يهدد حتى الاقتصاد المغربي ويرهن القرار السياسي الوطني.
وصل ملف القضية الوطنية إلى مفترق طرق حقيقي ولحظة مفصلية تشارف حلا يريده المغرب نهائيا وتريد القوى الدولية بما فيها أوروبا استدامته لاستنزاف المغرب اقتصاديا وسياسيا |
يبدو المغرب فيما يخص قضيته المصيرية الأولى مرتهنا للأسف لتقلبات المصالح الدولية والاقليمية والوطنية وأحيانا حتى الحزبية بشكل يجعله تائها وفي احسن الأحوال اطفائيا يخمد موقفا هنا ليظهر آخر هناك أشد بما يهدد حتى الاقتصاد المغربي ويرهن القرار السياسي الوطني.
وإذا كانت المستجدات الأخيرة في الملف قد أظهرت قصور الدبلوماسية المغربية وعدم امساكها بخيوط التقلبات وإنتاج القرار في مؤسسات الاتحاد الأوروبي فقد أظهرت أيضا أن الوضع المتقدم للمغرب في علاقته مع الاتحاد الأوروبي والتعاون الإيجابي في كثير من الملفات الحساسة اوروبيا لم يمنع من إنتاج مواقف معادية للمغرب تناسلت بشكل أربك الدبلوماسية المغربية ودفع المغرب الى قطع الاتصالات مع أوروبا للتنبيه لخطورة التعاطي غير الجاد مع قرار المحكمة الأوروبية الذي يناقض مصالح الاتحاد الأوروبي ذاتها في علاقته مع المغرب.
ايجابيات هذا القرار ظهرت سريعا في تصريحات المسؤولين الأوروبيين الذين بادروا إلى طمأنة المغرب. ومن شأن هذا إن يفتح نقاشا نظنه سيكون في صالح المغرب مستقبلا، لكن رغم ذلك ننبه إلى أنه لا يجب الاطمئنان لتصريحات المسؤولين الأوروبيين ويجب على المغرب أن يشرف على إعداد دفوعاته القانونية ويبقي درجة الحذر في أعلى مستوياتها ولا يطمئن لوعود أصدقائه الأوروبيين.
لا يمكن في المقابل أن ننكر أن المغرب مؤخرا كان أكثر جرأة ودينامية في تنزيله للجهوية وفي المشاريع المتميزة التي أطلقها في الصحراء وفي الحضور الوازن والقوي للملك في مناسبات ذات رمزية مهمة وقرارات حساسة تم إعلانها من عمق المغرب الجنوبي، كما أن تعامله مع مبعوث الأمين العام والأمين العام نفسه يوضح أن الجرأة والشجاعة والتبصر هو ما ينقص المغرب في التعاطي مع قضيته الوطنية الاولى.
أوراق عديدة يمتلكها المغرب لم يستعملها بعد أو لم يحسن استعمالها كما يجب كفيلة أن تنقل المغرب من وضع دفاعي مرتبك إلى آخر أكثر قوة وجرأة سنتطرق اليها في مقام آخر ملائم .
لقد وصل ملف القضية الوطنية إلى مفترق طرق حقيقي ولحظة مفصلية تشارف حلا يريده المغرب نهائيا وتريد القوى الدولية بما فيها أوروبا استدامته لاستنزاف المغرب اقتصاديا وسياسيا وهي مرحلة تتطلب اليقظة من المغاربة جميعا حتى يتحقق الطي النهائي لملف عمر أكثر مما يجب.
* .https://www.facebook.com/profile.php?id=100005349495733
التعليقات